جديدنا

مجلة فن | تحت سماء دمشق... «عشتار» بين الفن و تهمة الإباحية...!



ما إن بدأت الملامح الأولى لمنحوتة آلهة الحب والخصب «عشتار» تظهر واضحة على ساق إحدى الأشجار أمام مبنى المديرية العامة للآثار والمتاحف حتى انتشرت صورة المنحوتة غير المكتملة بشكل جنوني عبر مواقع التواصل مترافقة مع ردود أفعال متباينة بين رافض ومؤيد.
حيث أبدى عدد كبير من المتابعين إعجابهم بالفكرة داعين لتطبيقها على نطاق أوسع نظراً لأهمية التشبث بالتاريخ السوري في المرحلة الحالية والتعريف به. في حين قوبلت الفكرة بالرفض الشديد من قبل البعض الآخر تحت ذريعة "الترويج للإباحية والتعري" ووصفوا المنحوتة بـ "المرأة العارية" وطالبوا بإزالتها، ليتم أخذ القرار بتعديلها وإزالة ما يظهر من جسد «عشتار» مع الإبقاء على رأسها وتاجها فقط.
أما المفاجأة كانت أن يتم تشويه عدة أعمل بعد ذلك من قبل أشخاص مجهولين ما تسبب بإتلاف بعضها بشكل كامل. 

تأتي هذه المنحوتة، بالإضافة لمنحوتات من الحضارات السورية والعراقية القديمة، ضمن نشاطات مشروع "تحت سماء دمشق" الذي تنفذه وزارة الثقافة. يتضمن المشروع نشاطات عدة منها القيام بنحت أربعة رولييفات على أربع أشجار أمام مبنى المديرية العامة للآثار والمتاحف بالإضافة للرسم على أعمدة جسر السيد الرئيس، وينفذ أعمال النحت مجموعة من خريجي المعهد التقاني للفنون التطبيقية بشكل طوعي وهم: ربيع خليل، حنان الحاج، سيماف حسين، لجين غنيم، يارا متوالي، لؤي نصري زاده، رضوان باسط، سيزار مازوخ، ريم الدهان، يمنى برهوم، امينه شمس الدين، هبه الحسني، وجوانا إيزولي. 


فريق مجلة فن تواصل مع بعض المتطوعين في المشروع، ومنهم الشابة ريم الدهان التي قامت بنحت «عشتار» بالتعاون مع رضوان الباسط، وأوضحت لنا تفاصيل ما حدث قائلةً: 
"أردنا أن يكون عملنا مختلفاً عن باقي الأعمال التي اختارها الفريق من الحضارات السورية فوقع اختياري وزميلي رضوان الباسط على الآلهة عشتار لنقوم بنحتها، وبعد أن بدأنا العمل تم التقاط صورة للمنحوتة قبل الإنتهاء منها ونشرت عبر إحدى صفحات الفيسبوك مثيرةً موجةً من الانتقادات والاعتراضات. نتيجة لذلك، ولأن غايتنا كانت تجميل المكان بعيداً عن إثارة المشاكل، تم اتخاذ القرار بتعديلها من طول ثلاثة أمتار لتصبح مقتصرة على الرأس والتاج بطول 60 سم فقط وتم استبدال جسد عشتار بالنجمة الخاصة بها والنسر السوري".
وتضيف: "بصراحة ما حدث سببه عدم معرفة البعض بالآلهة عشتار وماذا ترمز، كما أن البعض نظر للموضوع من ناحية دينية".


سيزار مازوخ، من المتطوعين المشاركين بالفعالية، بين أن فكرة نحت الأشجار تهدف للتعريف بالحضارة السورية القديمة، فقد بحث الفريق ضمن الآثار الموجودة في المتحف الوطني لاختيار ما سيتم نحته. 
كما اعتبر أن السبب في سوء الفهم الذي حصل هو نقص الثقافة التاريخية عند البعض فمن يعرف من هي «عشتار» لن يرفض وجود منحوتة لها أمام المتحف الوطني، مستغرباً أن يتم استنكار الحضارات القديمة وتهميش واحدة من أهم الرموز في التاريخ عندما يتم وصفها بـ "المرأة العارية"!


أحد الأعمال التي تعرضت للتخريب تمثل النحت التدمري ويشارك بتنفيذه الشاب ربيع خليل بالتعاون مع حنان الحاج ويارا متوالي، والذي بدوره كشف أن المنحوتة تعرضت للتخريب في منطقة الصدر والدقن وتم حفر الثدي اليساري بعمق 15سم لكنهم تمكنوا من إصلاحها وإكمالها. في حين أن المنحوتة الثانية التي تم تخريبها أزيلت بالكامل لعدم التمكن من إصلاحها.


ونختم مع مدير معهد الفنون التطبيقية الأستاذ وضاح سلامة، وهو مشرف على مشروع "تحت سماء دمشق"، حيث ذكر أن تنفيذ المشروع يتم وفق برنامج متنوع يشمل عدة نشاطات، مشيراً أن عدم معرفة «عشتار» من قبل البعض لا يلغي كونها آلهة سورية ورمزاً للخصوبة والعطاء، وهي موجودة في المتحف الوطني ولم يتم ابتكار شكلها.
كما استنكر أن يتم إهمال بقية الأعمال الفنية فهي تمثل الحضارة السورية، ورفض الإساءة التي تعرض لها المتطوعون في تنفيذ المشروع مشيراً إلى أنهم جميعاً سوريون وهم مستقبل سوريا داعياً جميع الفنانين لدعمهم.
ليؤكد في ختام حديثه لمجلتنا قائلاً: "عنا هدف ومكملين".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مجلة فن | Faan Magazine | تصميم : عمر شهاب

صور المظاهر بواسطة Bim. يتم التشغيل بواسطة Blogger.