مجلة فن . لؤي ديب
أقامت مديرية تربية حمص حَفلاً في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة في سورية، حَيث أحيَت الحَفل أُسرة مديرية الثقافة، وقد قلنا "أسرة" مِمَّا لاحَظه الحضور مِنتفاعُل لطيف بين أفراد الأسرة، وقد عَلَت المسرَح هالة أمطَرَت شغَفاً على أفراد الأوركسترا والحضور جميعاً ابتداءً مِن تأدية "الكارمينا بورانا" افتتاحاً للحَفل بأداءٍ ذكَّرنا بما قدَّمته الأوركسترا خلال اختتام أيام مهرجان الثقافة الموسيقية التاسع عشر، ولَفَت انتباهنا إلى واجِبٍ عَلَينا القيام به وهو "شُكر مُديرية الثقافة الموسيقية بحِمص" هذا الشُّكر نتقدَّم به لأن هذه المديرية ونَحن مجلَّة فَن شكَّلنا أنموذجاً يُحتذى بمعنى الكَلِمة حيث قُمنا بدَورِنا في حَفل الختام ولفَت انتباه المُديرية على بعض الهفوات التي كانت موجودة وأرَّقت صفو الجو الراقي الذي يأمل كُلّ حاضر أن يلقاه، وما كان مِن كادِر المُديريَّة إلَّا أن استجاب لتِلك المُلاحظات، دخَلنا المسرَح لِنَجِد الكادِر التنظيمي مُنتَشِر بين المقاعِد وأفراده يكرِّرون "ممنوع الحجز" انتَظَرنا دخول أفراد الأوركسترا لنَجِد احترافيَّة عاليَة جِدَّاً مع بدء فحص أصوات الآلات، ويُحتَسَب للأستاذ "حسَّان لبَّاد" إشراك الفئات السنِّيَّة الصغيرة واهتمامه بإظهار قدراتها، وإبراز الدَّور الكبير للموسيقى في قتل الفوارِق مهما كان نوعها "عُمرية..اجتماعية..إلخ" طغت الروح الرياضيَّة بين العازفين على رهبة المَسرَح، قدَّمت الأوركسترا مجموعة من المقطوعات الخالِدة في أذهان الحاضرين، "يابو المرجَلة" التي نَقَلَتنا مِن دَلَع الإناث إلى رخامَة صوت الرَّجل، فَرَسم لنا صوت الكورال رَجُلاً بطربوش وشروال تمثَّل في هالة من العنفوان فوق المَسرَح، لم تنسَ الأوركسترا عيد ميلاد السَّيدة الفيروزية "نهاد حدَّاد" فوجهوا لها تحيَّة بمجموعة أغانٍ لها تمَّ ربطها باحترافيَّة عاليَة، سَبَق التَّحيَّة معزوفة منفَرِدة لآلة "الكونترباص" بأنامل الأستاذ الكبير "أحمد داؤود" شكَّلَت تحدٍّ كبير لإمكانيات هندسة الصوت وكفاءته إضافةً لإمكانيات العازِف على هذه الآلة التي يَصعُب فيها التقسيم على المقامات الشرقيَّة إلَّا أن كِلا الأمرين كانا ناجِحَين بامتياز...رائحة القهوة الصباحية التي تركَتها فيروز خَلف أغنياتها، رَحَلَت مع حقيبة مدرسيَّة لطفل يُغنِّي ساسوكي وهو ذاهِب إلى مدرسَته فقَد رحلنا عبر الزَّمَن مع أغنيَة ساسوكي، فاشتعَل المَسرَح بالكامِل مع كلِمَات "قُم ضع يَدَك بِيَدي"... إلى أن اقتَحَم "طالِب ابراهيم" المَسرَح ليروي قصَّة اللِّص الذي طَرَق باب المختار ليلاً، صوت طالب والكورال تناغما بصورة جذَّابة، مع تقسيمات "جورج ضاوي" السريعة الارتجالية الاحترافيَّة على آلة "الناي أو الكَوَلا أو الفلوت" التي أضافَت لكُلِّ ما قُدِّم على المسرَح عَبق خاص يمنَحه تجسيد ملموس للروحانية الموسيقية التي قدَّمتها الأوركسترا، إلى أن انفرَد الضاوي في تقديم "ضيعة ضايعة" وأدخَلنا لمَنزِل أسعد خشروف ماِسحاً الغبار بأنامِلِه عن أعتق الذكريات نافِخاً بأنفاسِه على حروق الذكريات ليُبرِّدها، تعمَّدت الأوركسترا ترك المِسك لِلختام فقدَّمت لنا البيطار الذي اخترَقت غُنَّة صَوته السماوات السبع "ابراهيم بيطار" شاب بنكهة نصري شَمس الدِّين خامة صوت تستَحِق أكثر بكثير مما هي عليه اليوم، شابٌ في مُقتَبل العُمر تعبه على مَلَكته التي بين يديه بادٍ على المسرَح فقد اقتلع الآهات مِن صدورنا بتَمَكُّن وإتقان...مِسك الخِتام لخَّص تفاصيل الحفل التي مرَّت سريعةً على كُل الحضور وتمنَّينا لها ألَّا تنتهي...
شكراً مُديريَّة ثقافة حِمص على احترام الصحافة...نتشكَّر ونحن نأسف لأنفُسِنا على أنَّنا نتوجَّه لكُم بالشُّكر فكَم يتمنَّى الصحافي أن يقوم بواجِبه المتمثِّل بالإضاءة على الهفوات فيقوم الموظَّف بتجنُّب هذه الهفوات برحابة صَدر دون امتعاض، فنَنعم بجوٍّ مِن الديموقراطيَّة والرُّقي المُجتَمَعي والعَمَلي، وهذا ما أثبتناه معاً حين تعالَينا على كُل مَن حَاول أن يصطاد في الماء العَكِر ويرمي بيننا فِتنة، أو يفتَعِل خِلاف..عساها أن تُعَمَّم هذه التجربة ونكون باكورة التَّكريس الحقيقي للدَّور الإعلامي البنَّاء...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق