جديدنا

جلال نادر | زاوية أُخرى...

مجلة فن | كتب #جلال_نادر 
ضوءٌ خافتٌ يتدلّى مِن السَّقف، جُدرانٌ خاليةٌ من أيّ نوافِذ أو فُتحَة، رائِحةُ تُرابٍ رَطبٍ تفوحُ في الأرجاءِ، وَصوتُ قطراتٍ مِن الماءِ تتَساقطُ تِباعاً...
يَرتَسِمُ على الحائطِ ظلُّ شاحِبٌ لشابٍّ جالسٍ على الأرضِ، يُلامِسهُ وعلى مسافةٍ قريبةٍ منه شابٌّ تجاوَز عُمرهُ «رُبعَ قَرنٍ» جالساً على الأرض، تَبدو عليهِ علاماتُ التّعبِ والإرهَاقِ ويَجولُ المكانَ بعينَيهِ العَسليّتَين الذّابلتَين. 
صَوتانِ يَتناوَبان بالحديث...
- فِيمَ تُفكِّر؟ 
* يَصعُب التَّحديد، الأفكارُ والصورُ تَتقافَز في رأسي بشكلٍ سريعٍ، أعجَزُ عن الثّباتِ على فكرةٍ واحِدة! (يَتَحسَّسُ بِأطرافُ أصَابِعهِ نُدبَةً تَعلُو حاجُبهُ الأيمَن بحَوالي سِتَّةَ ميليمترات).
إنّني خائِفْ! 
- ما الذي يُخيفُك؟ 
* اعتِيادي الوَحدة، فُقدان مشاعِري يوماً بعدَ يوم... يُخيفُني المُستقبل، مَا قَد أصِل إليه، وما قد أعجَزُ عن الوصولِ إليه! إنّني أفقِد الرّغبَة تدريجيّاً بكثيرٍ من الأشيَاء، أصبَحَ التخلّي أمراً سهلاً! 
- ربَّما يَجدُر بِنا النّظر للمَوضوع من زاويةٍ مُختلِفة.
* (يَنهضُ مُستنِداً إلى حائط الغرفة). 
- إلى أينَ تَذهَب؟
* لِأبحَث عَن زاويةٍ أُخرى أنظُر مِنها للمَوضوع!
- لكِنْ هَذه الغُرفَة مُستَديرة لَنْ تَجِدَ فيها أيّ زاوِية! 
* وَمَن قالَ أنّني سَأبْحثُ هُنا!
(يَدفَع بيدَيه باباً حديدياً، فَينتَشر في الغرفَة نورٌ ساطعٌ لِيَتلاشَى ظِلّه الشاحِب، آخِذاً مَعَه الصّوت الثّاني!).
● ● ● ● ● ● ● ● ● ●
#للضرورة_المسائية | "هُناكَ اثنَان في كلّ شخص: الحقيقيّ، هو الآخَر." - خورخي لويس بورخيس (رواية اللحظة الراهنة للكاتب الفرنسي غيوم ميسّو)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة © 2016 مجلة فن | Faan Magazine | تصميم : عمر شهاب

صور المظاهر بواسطة Bim. يتم التشغيل بواسطة Blogger.