مجلة فن - حوار وإعداد : لؤي ديب
آلة العود من الآلات واسعة المدى موسيقيَّاً، ويُعتَبَر عازِف العود الأكاديمي الإحترافي من أهم عناصِر الفرقة الموسيقية، ولكن لا يمكنك صناعة عازِف عود احترافي دون امتلاكه للموهبة الحقيقية، وعندما توجَّهنا للأستاذ إيهاب موسى بالسؤال الآتي: متى بدأ مشوارك الموسيقي مع آلة العود، وما تخلَّل هذا المشوار من نشاطات؟
أجاب: أول آلة عود امتلكتها كنت بعمر السنتين والنِّصف، وبدأت التُّعلُّم بعمر الأربع سنوات، ومن ثم تنقَّلت بداية من عمر الثمان سنوات بين العديد من الأساتذة مثل الأستاذ معمر أدناوي، ممدوح أدناوي، أحمد حمُّودة، خليل حاج حسين، انتهاءً بمُدرِّس كلِّية التربية الموسيقية محمد شيخ اسماعيل، طبعاً هذا المشوار ما زال مستمرَّاً بالتدريب الذي يصقل الموهبة إضافة للعديد من المشاركات في أمسيات ومهرجانات على مستوى القطر تساعد في اكتساب الخبرة، ثمَّ درست في المعهد الموسيقي المتوسَّط لمدة سنتين و تخرَّجت من المعهد وانتسبت لكلِّية التربية الموسيقية التي تخرَّجت منها عام 2012...
ثم انتقلنا مع الأستاذ إيهاب للحديث عن نشاطاته الموسيقية ما بعد التخرُّج، وعن سفره للبنان الذي قال عنه:
كانت النشاطات الموسيقية كثيرة جدَّاً بداية من التدريس حيث كان أكبر اهتماماتي، وهدفي الرئيس زرع حُبّ الموسيقى لدى الأجيال الناشئة وتحويلها من هواية لملء الفراغ إلى نمط حياة وأسلوب عيش رئيس، إضافة للمشاركة بمهرجانات وحفلات وإقامة أمسيَّات خاصَّة لآلة العود في كافَّة المحافظات السورية على تنوُّع ثقافاتها وموروثاتها ومجتمعاتها، حيث يختلِف شكل موسيقى آلة العود بين منطقة ومنطقة وكُنَّا قادرين على تقديمها بما يتناسب مع تنوُّع هذه البيئات فالعود في المنطقة الشرقية مثلاً "الرقة، دير الزور" يختلِف عن عود الداخِل "حَلَب" كأداء وقوالِب موسيقية، وهذا ما أبرزناه بشكل دائم... وبالنِّسبة لموضوع السفر، كان بشكل رئيسي الغاية منه هو العمَل فلا يخفى على أحد أن الحَرب قتلت طموحات كثيرة وخصوصة للموسيقيين وتزامن بدء الحرب مع تخرُّجي من كُلِّية الموسيقى فلم أجِد سبيلاً للعَمَل إلا في الخارِج..حالي حال الغالبية العُظمى من أبناء جيلي..
أثار فضولنا ابتعاد الأستاذ إيهاب عن ذكر مشاركته في برنامج في أمل، لكن كان من الصَّعب علينا إهمال مِحوَر كهذا لذلك سألناه السؤال التالي: أستاذ إيهاب "في أمل" تجرُبة من نوع جديد أو إنها ذكرى سيئة؟
أبداً لم تكُن ذكرى سيئة، ولن تكون..إنَّما مجهود لم يتناسَب مع النتائج، تم تصوير 30 حلقة خلا 10 أيام، لن أرمي اللوم على أحَد ولكن العمل الموسيقي بحاجة ليوم تمرين ويوم تصوير أي أن برنامج 30 حلقة يحتاج لعمَل 40 يوم كحد أدنى حتَّى يتم تقديمه بالشَّكل المطلوب، هذا لا يعني أن "في أمل" كان سيء، على العكس كان خطوة مهمة بالنسبة لي، لكنَّه لم يكن بالشَّكل الذي أطمح لتقديمه والسبب المباشر لذلك هو الوقت والضَّغط..
أما عن طموحاته الموسيقية من خلال عملِه في الخارِج قال:
حالياً من الصَّعب أن نقول عن كُل ما يُقدَّم بأنَّه موسيقى، الغالب على ما نُشاهِدُه اليوم إن كان عبر منصات التواصل الاجتماعي أو من خلال الشاشات التلفزيونية تجارة رديئة تحت عنوان فضفاض هو الموسيقى، ومن يعمل ضمن الأُطُر الموسيقية الحقيقية لا يلقَ ما يليق به كفنَّان فاليوم أنت بين خيارين إمَّا أن تُماشي سوق الإتجار الموسيقي الرديء، وتُسلَّط عليك الأضواء، أو أن تَعمَل على موسيقى حقيقية وتجِد نفسَك مُهمَّشاً إلى حَدٍّ ما، طبعاً هناك استثناءات من كِلا الجانبين، لكن كطموح شخصي أريد أن أوصِل رسالتي التعليمية وأقيم معهد خاص لتحويل الموسيقى بشكل أساسي من هواية لملء وقت الفراغ إلى نمط حياة يُمكِن الاعتماد عليه..
أما عَن التلحين فقد قال الأستاذ إيهاب:
أشعر بأن التلحين موهبة لا تقتصر على امتلاكك للعلم الموسيقي فحسب بل عَليك أن تشعر بالكلام الذي تقرأه لكي تجعل من الموسيقى وسيلة مساعدة لإيصال فكرة الكَلِمات المكتوبة، فمِن المُمكِن أن يكون المُلحِّن هاوِ موسيقي وليك أكادييَّاً إنَّما يمتلِك تلك الموهِبة التي تساعِده على إيجاد الجملة الموسيقية التي تتماشى مع الكلام المكتوب، وهذا يختلِف عن التأليف الموسيقي فالبعض يخلِط بين التأليف الموسيقي والتلحين، فالتأليف الموسيقي هو جُمَل موسيقية تُكتَب لآلة موسيقية واحِدة أو عدَّة آلات وقد كان لي تجارِب مع هذا النَّوع من التأليف...
وفي سياق حديثنا عن المُتطفِّلين على الوسط الفنِّي عموماً والموسيقي خصوصاً، كان للأستاذ إيهاب رأي مُمَيَّز لا يقُل عمَّا سَلَف..
المتطفلين في المجالات المُختلِفة دائماً تجِدهُم منتشرين بصورة مُخيفة والمُلفِت أنَّك من خلال تعاملك معهم تجِدهُم موقنين بأن إمكاناتهم أقل مما يدعون استطاعته، ومع ذلك بإمكانك ملاحظة ظلم المختصين ودَعم المتطفلين، وذلك لأن المختَص لدَيه اختصاصه ليُقدِّمه بينما المُتطَفِّل لديه الكثير من التنازلات التي يُقدِّمها وغالِباً ما تكون مقنعَة لصاحِب رأس المال أو القرار أكثر من الاختصاص، وذلك عندما يكون صاحب القرار غير مُختص أيضاً بل دخيل على الوسط الذي يعمَل فيه..
هذا ما قادنا إلى سؤال السؤال التالي
من المعروف عن الموسيقي أنه شخص حسَّاس جدَّاً ومزاجي، وهذا ما يسبب له نفور من المُتطفِّل على الموسيقى والفن بشكل حاد وأكبر من غيره أيضاً، كيف يُعبِّر الأستاذ إيهاب عن نفوره هذا؟
وبعد ضِحكَةٍ طويلة أجاب: "الحساسية شي موجود عند الجميع لكنَّها تَختلِف بين شخص وآخر على عدَّة أُسُس، أما طريقة التعبير عنها، فأنا شخصيَّاً "أداوِها بالتي كانت هي الداءُ" فحساسيَّتي الموسيقية أعالِجها بالموسيقى، أمَّا النفور من المتطفلين هلا أعاني منه لأني أعامل الناس بنفس طريقة تعاملهم معي، فالمتطفل يعاملني كَزَميل له وأنا أعامله كزميل لي، والعمَل هو من يُبرِز الأفضل ليعرِف كُلٌ حَدّه..
نحن أسرة مجلَّة فن، فخورون بأنَّ سورية رُغم الحِصار والحرب والسنين العِجاف ما زالت تُصَدِّر للعالَم فنَّانين بقمَّة الرُّقي والأخلاق، يحمِلون في داخِلهم رسالة إنسانية سامية، كُل الشُّكر لك إيهاب موسى..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق